بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكَّر أو أراد شكوراً وسبحان الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً وقدره منازل لنعلم عدد السنين والحساب إخواني المسلمين لقد دارت السنين والأعوام واختلفت الليالي والأيام ومضت الساعات واللحظات وها نحن نودع سنة ثمانية وثلاثين بعد ألف وأربعمئة عام منذ بزوغ فجر الإسلام بهجرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام
فمالنا لا نحرك ساكناً ولا نذكر ماضياً ولا نغتنم حاضراً لقد علا القلوب الران وغشي الأبصار الغطاء ودخلنا عالم السبات وغفلنا عن عجلة الزمان ولم نسابق الأعمار بالأعمال والمنايا بطيب الأفعال والأقوال واحسرتاه على ساعات تنقضي في لهو ولعب وغفلة
ومن دنيا دنية شغلتنا عن غنائم الصالحات الباقيات إخوتاه أشد الندم أننا كل يوم نقرب من الأجل وننقص من العمل بل تتقاذفنا المنايا وتحصدنا واحدا تلو الآخر إذا حُطَّ ذا عن نعشه ذاك يركب ولا زالت أماني التسويف تشغل القلب وتعمي البصر
فيا غافلاً عما خلقت له انتبه فمنادي الرحيل لا يفتر عن النداء كل يوم هلمّوا إلى ربكم فماذا أعددنا للسكرات وضيق اللحود والظلمات ويوم المعاد والحسرات أفٍّ لعقول آثرت الفانية وتركت الباقية وأحبت العاجلة وتركت الآخرة
حاسبوا أنفسكم قبل الحساب وتوبوا إلى بارئكم قبل حمل جنائزكم سلوا الله مغفرة ما مضى واستدراك ما بقي.
اعتبروا بغيركم ولا تكونوا عبرة للمعتبرين فالسعيد من اعتبر بغيره.
دعاني من دهرٍ يروح وينقضي بأعمارنا هل فيه من إنظارِ
