الحمد لله الذي جعل الأخوة من أعظم مقاصد الشريعة، ومن أعظم العطايا لأهل الإسلام.
قال جل وعلا (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ).
الأخوة عروة وثقى، ورابط قوي، ولحمة نسب، وسلم رُقِيٍّ، وعجلة سير، وصمام أمان.
الأخوة بناء شامخ، وعلم راسخ، وضياء ظلمة، وأنس وحشة، وسبيل عزة، ومنبع ألفة، ومؤذن نصر، ومظهر افتخار، وهي في الإسلام بنيان
مرصوص، وبنان متشابك، وللأخوة شرعت كثير من العبادات؛ فالتوحيد ولاء وبراء، والصلاة صفوف متلاحمة، وجماعات واجبة، وجمعات
مفروضة في كسوف أو خسوف أو استسقاء أو جنازة، وفي رمضان تتآخى النفوس، وتجتمع الأمة على عبادة واحدة، وفي الحج تتوافد
الجموع، وتتابع الحشود على منسك واحد بلباس واحد وشعار واحد يدل على أخوة صادقة جمعت الأسود والأبيض والغني والفقير والحر
والعبد مع اختلاف اللغات، وتعدد الحاجات، وتباعد الأقطار.
كل ذلك من أجل الأخوة بعد المقصد العظيم من عبادة الله، ولو تأملت أسرار الشريعة في تحريم الحقد والحسد والتدابر والتقاطع والغش
والظلم والأذية عرفت أن الدين يسعى لتحقيق ما يزيد الأخوة وتحريم ما يفسدها؛ فالأخوة مطلب زكي، ومقصد شريف، لا يفرط فيه إلا غبي
شقي.
قال الحسن البصري رحمه الله
( تواصلوا مع أصحابكم فالصاحب الوفيّ مصباح مضيء ، قد لا تُدرك نُوره إلا إذا أظلمت بك الدنيا)